Uncategorized

الكتاب الرابع: رواية “ثلج” للكاتب التركي أورهان باموق

photo-7

هذه هي  المرة الثانية التي أقرأ فيها هذه الرواية ولا أخفي أني وجدت صعوبة في قراءتها كما يحصل معي دائمًا عند قراءة روايات التركيأورهان باموق. الصعوبة لا تمكن في لغة الرواية،  بل لصعوبة وتشعب موضوعها. تتناول رواية “ثلج” عدد كبير من المواضيع، لكن غوص باموك في الروح البشرية المعقدة ما يجعل من الصعب على القارئ  احيانًا فهم تلك الروح

يروي الرواية بكامل تفاصيلها صديق  “كا” بطل الرواية الذي يسعى لفهم ماجرى لصديقه.  “كا” شاعر تركي يحضر من منفاه في ألمانيا ليقوم بتغطية حوادث الإنتحار التي انتشرت في ضواحي أحد المدن النائية في تركيا لنكتشف بعدها أنه لم يرغب بالقدوم لهذه المدينة لتغطية هذه الحوادث بل ليتلقى بالجميلة”إبيك” زميلته أثناء الدراسة الجامعية  والتي انفصلت عن زوجها مؤخرًا.  يروي الراوي الأحداث من مذكرات كا نفسه، ويحاول سد الفراغات  في القصة.  تتدرج الأحداث لتتداخل فيها مواضيع سياسية وصراع العلمانية مع التطرف الإسلامي، صراعات أدت بالفرد التركي للقلق، للتوق لتحديد هويته. يقضي “كا” أيامه في هذه المنطقة كصوفي متجول يصارع الشكوك في عقله ..هل هو مؤمن أم ملحد؟  كا الذي لم يكتب أي قصيدة خلال ٤ سنوات فجأة يكتب أكثر من ٢٥ قصيدة خلال المدة القصيرة التي قضاها في هذه المنطقة بإلهام الثلج الذي كان ينزل..والذي كان يذكره بوجود رب يرعى كل المخلوقات. يتخبط كا في داخله مابين شكوك الدين وبين شكوك الحب..هو يسعى للحب من أجل الحب، وليس من أجل إيبيك نفسها كما يتضح.  يتنقل كا بين الإستخبارات التركية التي تحارب الإسلامين وبين الإسلامين ساعيًا لأن يكون وسيط بينهما مقابل أن يغادر هو و إيبيك التى وافقت على الزواج من المدينة التي حدث أثناء إقامته بها إنقلاب سياسي . لكن كل شئ ينتهي بشكل مأساوي وعكس ماتوقع كا..إيبيك ترفض الذهاب معه بعد أن اكتشفت أن عشيقها السابق (وعشيق أختها في نفس الوقت! ) القائد الإسلامي الشهير قتل خلال الإنقلاب، متهمة كا بالخيانة وأنه من قام بالتلبيغ عن مخبأه . يرجع كا وحيدًا لألمانيا ليلقى حتقه بعد وصوله بأربع سنوات على يد شخص يعتقد أن له علاقة بجماعة إسلامية تركية

يالرغم من أن الرواية سياسية بالدرجة الأولى إلا أن تأكيد الكاتب على إنسانية جميع شخصياته على حد سواء (ما يسمون بالمتطرفون   الإسلاميين والعلمانيون) مايميز الرواية، فبالرغم من نقده اللاذع لكلا الجبهتين،  إلا أنه يجرد شخصياته ويصف طهارة الروح البشرية في الأصل وكيف تشوهها بعض الأفكار.. 

عنوان الرواية “ثلج” يحمل في طياته رموز كثيرة.  “ثلج”هو ذات العنوان الذي اطلقه كا على مجموعة النصوص الشعرية التى كتبها أثناء زيارته لهذه المنطقة.  فشخصيته تكونها زوايا متعددة كزوايا بلورة الثلج نفسها . الثلج في الرواية قد يرمز لتجمد الأحداث ..تجمد  .  شخوصها أيضًا. تعالج الرواية أيضًا موضوع الصدام بين الشرق والغرب داخل الأفراد في البلدان المسلمة.: هل الإعجاب بفكر الغرب  خيانة؟ هل نقد الفكر الشرقي خنوع؟ هل يحق للفرد المسلم التفكير في تعاليم دينه؟ هل هناك مساحة للشك..؟ هذه معضلة يواجهها معظم الشباب المسلم في العصر الراهن. ليُعمق فكرة هذه الصراع تعرض باموك ايضًا لمعضلة الدولة العلمانية ومحاربتها للحجاب وظهور جماعات الحجاب بالمقابل، التي ناهضت فكرة نزع الحجاب في المؤسسات التعليمية

بالنسبة لي، أرى أن  فكرة السعادة التى طرحتها الرواية أروع الأفكار في “ثلج”. تحلل الرواية فكرة السعادة وكيف يسعى الفرد للحصول عليها بينما هو في  نفس الوقت لا يعلم ماهيتها ولا حتى ما الذي يمكن أن يخلق أو يمحو سعادته.! في أحد الفصول ذكر كا أن الحياة تكمن في السعادة، والسعادة تكمن ببساطة في “أن تمسك بشخص ما بين ذراعيك مدركًا أنك بذلك تمسك بالعالم كله

الرواية تحمل أفكار جميلة لكن بشكل عام الرواية لم تعجبني، انتهيت منها وأنا أشعر بالحيرة 🙂 محشوة بالرموز والصراعات التي لم يحاول الكاتب أن يفكها للقارئ .يشعر القارئ أنه يقفز من فكرة لآخرى ،،،تشتت.! أيضًا من الأمور المحبطة أنه خلال الرواية التى تعدت ٣٠٠ صفحة لم يكتب الكاتب ولا قصيدة من القصائد التى كتبها بطل الرواية!  شخصيات الرواية ايضًا تبدو سطحية وخصوصا شخصية إيبيك التي أُصبت بالإحباط منها! فهي أشبه بدمية منها لبشر ! حتى بطل الرواية “كا” يبدو كالأبله! رجل عاش بالغربة ١٢ عاما ومن الطبقة البرجوازية وكان عضو في منظمات طلابية وفي النهاية يصوره باموك كمغفل يقع في حب كل فتاة يراها

في المقابل، أعجبني كيف أختار باموك المسرح لتجسيد الحدثين الصاعدين في الرواية…المسرح حيث تحدث الحبكة الفنية المشوقة. بالنسبة لي، أرى أن  فكرة السعادة التى طرحتها الرواية أروع الأفكار في “ثلج”. تحلل الرواية فكرة السعادة وكيف يسعى الفرد للحصول عليها بينما هو في  نفس الوقت لا يعلم ماهيتها ولا حتى ما الذي يمكن أن يخلق أو يمحو سعادته.! في أحد الفصول ذكر كا أن الحياة ليست مبادئ فقط…الحياة تكمن في السعادة، والسعادة تكمن ببساطة في “أن تمسك بشخص ما بين ذراعيك مدركًا أنك بذلك تمسك بالعالم كله” !

“Listen to me: Life is not about principles; it`s about happiness.`
`But if you don`t have any principles, and if you don`t have faith, you can`t be happy at all,` said Kadife.
`That`s true. But in a brutal country like ours, where human life is cheap, it`s stupid to destroy yourself for the sake of your beliefs. Beliefs? High ideas? Only people in rich countries can enjoy such luxuries.` 
`Actually, it`s the other way round. In a poor country, people`s sole consolation comes from their beliefs.”

.   

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s