يروي الطاهر بن جلون في “حين تترنح ذاكرة أمي” رحلة أمه مع مرض الزهايمر وكيف أثر المرض عليها وعلى من حولها، بالتحديد عليه وعلى خادمتها كلثوم. رسالة الكتاب تلامس كل قلب لأنها تحكي عن خسارة من نحب وكيف أن هذه الخسارة تخلف في قلوبنا مكانًا خاويًا لا يمكن لا أحد أن يسده. “حين تترنح ذاكرة أمي” تجعلنا أيضًا نحاسب أنفسنا على تصرفاتنا مع من نحب…كيف نقع فريسة للندم عندما يصاب أحبتنا بالمرض وكيف نتمنى أن ترجع الأيام للوراء لنصحح مافعلناه، لنغرقهم بالحب الذي يستحقونه
في كتابه، يكتب بن جلون كيف أن أمه ظلت تردد أنها لم تصاب بالجنون إنما أصبحت بعيدة أحيانًا وأن الأدوية سلبتها ذاكرتها ووعيها. في كتابه الذي تجاوز ال٢٠٠ صفحة ظل بن جلون يكرر على لسان أمه بعض الأحداث وما هذا التكرار إلا انعكاس لذاكرتها “المترنحة”. تحكي أمه بعض الأحداث عدة مرات وتسأل نفس الأسئلة وعندما تعود لوعيها تعتذر وتؤكد لمن حولها أنها لم تصاب بالجنون…هذا فقط تأثير الأدوية. التكرار قد يصيب القارئ ببعض الملل، لكني أجده مهم للرواية..فالقارئ الذي لم يمضي سوى عدة أيام في قراءة الكتاب قد لا يستطيع أن يتحمل قراءة نفس الأحداث والأسئلة فكيف بكلثوم خادمتها وابنها؟ عذاب الزهايمر يقع على المريض ومن حوله… كلثوم والتي أمضت عدة سنوات في خدمتها لم تستطع أحيانًا تحملها وأصبحت تصرخ عليها وتشتكي كثيرا لابنها، حتى أنها في النهاية بدأت تخاف أن تصاب هي نفسها بالجنون …الكتاب يحكي قصة حب، خسارة، عذابات…وتَوْه
لم يكتفي بن جلون بسرد قصة أمه، بل سرد بشكل مختصر قصة أم صديقه الفرنسية. وقارن بين السيدتين…أعتقد أنه يريد أن يبرز الإيمان العميق لأمه الغير متعلمة وكيف أنها كانت بالرغم من كل الصعاب التي مرت بها منذ كانت فتاة في ال١٤ من العمر،ظلت مؤمنة وقوية وراضية بمصيرها…الرواية أيضًا كانت مسرح لسرد العديد من الأحداث التاريخية المهمة
شدتني شخصية والدة بن جلون لأنها تذكرني بجدتي! اهتمامها بملابسها وحليها وترتيب منزلها وطهيها كلها أمور كانت جدتي رحمها الله تفعل المستحيل للمحافظة على مستواها حتى في آخر أيامها. لم يسمحن للمرض أن يمنعهن من أن يملين أوامرهن في كيف يجب أن تدار منازلهن أو ما يجب طهيه على للغداء أو ماذا يردن ارتدائه
أرى أن الكاتب أبدع في سرد قصة والدته…لم يكن هناك تصنع، وضع الحقيقة كما هي..لم يدعى أنه الإبن المثالي ولم يدعي أنه كفرد من مجتمع مسلم تحمل مسؤلية والدته بل وضح أن أمه كانت في رعاية خادمتين بينما كان هو في فرنسا وأخته تنصل من المسؤولية…الرواية تجعلنا نتوقف لحظة عن
(taking our beloved’s presence in our lives )
Reblogged this on mo0on99 and commented:
من اقرب ماقرأت ملامسة لمشاعرنا