تحدي القراءة ‏٢٠١٦

الكتاب الخامس عشر: رواية “حب وقمامة” للكاتب إيفان كليما

img_0964

هذه هي المرة الأولى التي أقرأ فيها لكاتب تشيكي، ولحسن الحظ كانت تجربة ممتازة. بالرغم من عنوان الرواية الغريب، إلا أن الرواية تغص بالكثير من الأفكار التي تستحق التأمل

الرواي كاتب ممنوع من الكتابة ولذلك اضطر للعمل مع مجموعة مع المنبوذين في التشيك للعمل ككناس شوارع، هذه الوظيفة اتاحت له الفرصة للتعرف على هموم وآحلام الآخرين ومشاركتهم ذلك. جدير بالذكر أن “كيلما” نفسه مُنع لأكثر من 20 سنة من الكتابة وقبل الثورة اضطر العديد من الكتاب والمثقفين للعمل في مهن بسيطة  ككنس الشوارع، لذلك يرى البعض أن عدم ذكر اسم راوي القصة يوضح أنها سيرة ذاتية لكيلما. لا أرجح هذه الفكرة نهائيًا، بل أرى أن عدم ذكر اسم الرواي يوضح أن مثل هذه الهموم والآحلام والتأملات قد تمر بأي شخص. في الرواية يتأمل الراوي مواضيع عديدة كالحب والحياة وتشيكوسلوفاكيا وكافكا. الرواية تبدأ عندما توقف الراوي في وسط كتابته لمقالة عن كافكا، وبعدها بدأ يجوب الشوارع كانسًا إياها، قافزًا من فكرة لآخرى. وظيفته هذه منحته الوقت للتفكر والتآمل في ماضيه وحاضره، وكأنه في كل مرة يحرك المكنسة للأمام والخلف يقفز من الماضي للحاضر والعكس

الفكرة الأساسية للرواية هو مثلث الحب “الرواي-ـ زوجته ـ عشيقته،” ويوضح كيلما أن مثل هذه الفكرة كانت شائعة جدًا فقرر استخدامها لتمرير تأملاته الآخرى. في علاقته يتأرجح الرواي مابين قلبه وعقله، والصراع بين هذين النقضيين ـ بين علاقته الرومانسية الجامحة وبين أُلف حياته الزوجية ـ هو الفكرة المسيطرة على الرواية. فالرواي يحاول إعطاء معنى كامل لحياته ولذلك هو يغوص في خيارته وأفكاره باحثًا عن ماسيحقق هدفه ذاك. في خضم هذه الأحداث يتأمل الرواي النهاية المأساوية لكافكا الذي لم يستطع تحقيق التواصل البشري والكمال الذي ينشده الرواي، لذلك في نهاية الرواية يقرر الرواي التخلي عن عشيقته الفنانة والرجوع لزوجته. الرواية كما ذكرت مليئة بالمشاهدات والملاحظات التي تدور حول النفس البشرية، لذلك أعتقد أن الشق الثاني من عنوان الرواية “قمامة” لا يدل فقط على القمامة المادية، بل على القمامة الروحية

الراوي يسرد لنا قصته بلغة مفهومة وواضحة مما يجعل القارئ يندمج بالرغم من كثرة التنقلات بين الذكريات. قبل أن أنهي المراجعة أود أن أذكر أن علاقة الرواي بوالده واحدة من أجمل الأشياء أيضًا في الرواية، حديثه عن والده وعن معاناته جميل ، قلما أصادف مثل هذه العلاقة الحميمة بين والد وابنه في الروايات التي سبق أن قرأتها

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s