في 1985، قامت مكتبة مدينة نايميخن العامة في هولندا بإزالة كتاب بوكوفسكي “ قصص الجنون الاعتيادي” من أرففها، بعد تلقي مسؤول المكتبة شكوى من مواطن. المكتبة بررت الإزالة بأن الكتاب “سادي، وفي بعض الأحيان فاشي. كما أنه يميّز ضد بعض الجماعات كالشواذ جنسيًا”. بعد هذا الخبر، قام صحافي محلي يدعى هانز فان دن بروك بالكتابة لبوكوفوسكي ليبلغه ويسأله عن رأيه في الموضوع. وجاء رد بوكوفوسكي كالتالي
شكرًا لإخباري عن سحب واحد من كتبي من مكتبة نايميخن، وأن كتابي متهم بالتمييز ضد السود والشواذ جنسيًا والنساء. لكن ما أخشاه هو أن ما تُحيّز ضده هو روح الفكاهة والحقيقة
إن كتبت بشكل سيئ عن السود والشواذ جنسيًا والنساء فلأن من قابلتهم في حياتي كانوا كذلك. هناك العديد من الأشياء السيئة…كلاب سيئة، رقابة سيئة وهناك حتى رجال بيض سيئون. الفرق هو أنه عندما تكتب عن رجال بيض سيئين فإنهم لا يعترضون ويشتكون. بالطبع لا يحتاج أن أقول أن هناك رجال سود صالحون وشواذ صالحون ونساء صالحات
في أعمالي ككاتب ألتقط صورًا لما أراه وأحولها لكلمات. إن كتبت عن السادية فلأنها موجودة، أنا لم اختلقها، وإن كتبت عن حصول شيئ مريع فلأن مثل هذه الأشياء المريعة تحدث في حياتنا. أنا لست في صف الشر، ففي كتاباتي لا أتفق دائمًا مع ما يجري، كما أني لا أمضي وقتي بالكتابة عن هذه الأشياء لأني مستمتع بذلك. بالإضافة، أنه من العجيب كيف أن الأشخاص الذين تذمروا واعترضوا على كتابي تجاهلوا الأجزاء التي تتحدث عن المتعة والحب والأمل. مررت في حياتي في العديد من التقلبات والنور والظلام، ولو كتبت بشكل مستمر عن النور فقط بلا ذكر للأخر، فأنا كاذب كفنان
الرقابة هي أداة أولئك الذين يرغبون في إخفاء الحقائق عن أنفسهم وعن الآخرين. خوفهم يعكس عدم قدرتهم على مواجهة ما هو حقيقي. لا أستطيع صب حنقي تجاه هؤلاء، فكل ما أشعر به حيالهم هو حزن هائل، فخلال نشأتهم جُنِّب هؤلاء حقائق وجودنا، وعلِّموا فقط طريقة واحدة للنظر للحياة بينما هناك العديد من الطرق
أنا لست حزينًا لأن أحد كتبي تُعقّب ونزع من أرفف مكتبة محلية. فإلى حد ما يشرفني أني كتبت شيئًا أيقظ هؤلاء من سباتهم.، لكن في نفس الوقت أنا متألم لأنه عندما تصادر الرقابة كتابًا لأحدهم فإن ذلك الكتاب غالبًا ما يكون كتابًا عظيمًا. وهناك القليل من هذه الكتب العظيمة. وعلى مر العصور هذا النوع من الكتب يصبح كلاسيكيًا،. وما كان يعتير يومًا صادمًا وغير أخلاقي، يصبح كتابًا رئيسًا يدرّس في العديد من الجامعات
أنا لا أقول أن كتابي من هذه الكتب العظيمة. ولكن ما أقوله هو أن في وقتنا هذا، في هذه اللحظة، والتي قد تكون اللحظة الآخيرة للعديد منا، أنه من المزعج والمؤسف حقًا أنه لا زال بيننا أشخاص بهذه المرارة وضئالة الفكر، أشخاص يعتقدون أنهم “صائدو السحرة”. بالرغم من ذلك، هؤلاء ينتمون لنا، هم جزء من الجماعة. وإن لم أكتب عنهم في كتبي، ربما يجب على ذلك..وربما ما كتبته عنهم هنا كافي
أتمنى أن نرتقى ونصبح أفضل جميعًا
المخلص، تشارلز بوكوفوسكي